المحتوي
الشيخوخة وصحة القناة الهضمية.
دور الألياف النباتية في تنوع الميكروبيوم (Microbiome).
أهمية تنوع الألياف النباتية.
ميكروب الأمعاء وعلاقته بالمعمرين.
المرض يبدأ في القناة الهضمية، وهذا ينطبق بشكل خاص على الأمراض الحديثة التي ابتلينا بها هذه الأيام، لذلك هناك علاقة وطيدة بين طول العمر وصحة الأمعاء، من الصعب التغاضي عن الدور الذي تلعبه صحة الأمعاء في الشيخوخة الصحية للفرد، حيث تحتوي الأمعاء البشرية على 70٪ من الجهاز المناعي للفرد، و 10 أضعاف البكتيريا المتحكمة فى الصحة مقارنة ببقية الجسم، وغالبًا ما يشار إليها باسم "الدماغ الثاني" بسبب وجود 100 مليون خلية عصبية تتصل بالدماغ عبر محور القناة الهضمية وما يعرف بالجهاز العصبي المعوي.
ومن هنا نشأت مؤسسات اهتمت بتطوير التغذية المستهدفة ذات الأصل النباتي من أجل الشيخوخة الصحية للبالغين الذين تزيد أعمارهم عن 50 عامًا، وأصبح مجال تركيزهم الرئيسي هو القناة الهضمية.
تحكي الأمعاء البشرية و الميكروبات المتعايشة مع الإنسان الموجودة في القولون قصة هامة عن مدى صحة العديد منا، ومدى تقدمنا في العمر. كيف تختلف صحة القناة الهضمية لشخص بالغ يتمتع بصحة جيدة يبلغ من العمر 65 عامًا عن صحة شخص بالغ يبلغ من العمر 30 عامًا؟ تلهمنا أسئلة مثل هذه لفهم كيفية أن تؤدي مدخلات نباتية معينة إلى توقيعات ميكروبية مفيدة تفيد فى مرحلة الشيخوخة الصحية.
الشيخوخة وصحة القناة الهضمية:
إن الحصول على أمعاء صحية أمر بالغ الأهمية مع تقدمنا في العمر. في الواقع تتحكم الجينات الموجودة في البكتيريا في أمعائنا الميكروبيوم (Microbiome) في كل شيء بدءًا من.
الرغبة الشديدة لدينا، إلى الحالة العاطفية والرفاهية العامة. هذه الجينات البكتيرية قوية للغاية لأنها تفوق عدد الجينات البشرية بنسبة 100 إلى 1 في الميكرو بيوم المعوي، لذلك بينما لا يمكننا تغيير تركيبتنا الجينية الموروثة بشكل جذري لتحسين احتمالات تمتعنا بصحة جيدة أثناء تقدمنا في السن، يمكننا تغيير الجينات في الميكروبات في أمعائنا وتحويلها إلى حالة أكثر ملاءمة في غضون 24-72 ساعة من تناول أطعمة معينة.
مع تقدم الإنسان في العمر، يصبح من الصعب الحفاظ على الحالة الصحية في الجهاز الهضمي والميكروبيوم (Microbiome) المتنوع، والذي بدوره يعزز طول العمر والمناعة. في الواقع وجدت الأبحاث أن كبار السن لديهم بصمة جرثومية أكثر تحديدًا وحساسية مقابل البالغين الأصغر سنًا الذين تظهر ميكروباتهم أقل اتساقًا وتنوعًا أكبر، فإنه يسمح للعلماء بالعمل من مجموعة ميكروبيوتا أساسية لكبار السن والاستفادة من تكنولوجيا الغذاء لتطوير المنتجات التي يمكن أن تعزز التنوع التصنيفي لنباتات الأمعاء (أي مع مدخلات نباتية متغيرة)، لتحسين النتائج الصحية في نهاية المطاف باستخدام عمر محدد، حيث أظهر الأفراد النادرون البالغون من العمر 90 عامًا والمزدهر تمامًا توقيعات ميكروبية وملامح نباتية مماثلة لتلك الخاصة بشخص يتمتع بصحة جيدة يبلغ من العمر 30 عامًا، وتعد هذه الدراسة من أكبر الدراسات الميكروبيوتية التي نفذت حتى الآن مع أكثر من 1000 شخص.
دور الألياف النباتية في تنوع الميكروبيوم (Microbiome):
يكمن المفتاح الرئيسي لصحة القناة الهضمية والتحكم في مدى تقدمك في العمر في نظامك الغذائي، حيث أن المكونات النباتية تلعب دورًا داعمًا بشكل حاسم في الشيخوخة الصحية لكبار السن، وبالتالي، فإن مجال التركيز الأساسي هو الألياف النباتية، حيث تعمل الألياف على تنشيط المسارات البيولوجية التي تؤدي إلى زيادة مقاومة الإجهاد والتعب، على غرار تلك الموجودة في الطريقة الشائعة الصيام المتقطع، وتعزيز تنوع الميكروبيوم (Microbiome) عن طريق تحفيز الكائنات الحية الدقيقة في الأمعاء من خلال توفير الكربوهيدرات الغذائية غير القابلة للهضم (الألياف) للميكروبات التي تستعمر الأمعاء، فقد ثبت تجريبيًا أن الألياف تزيد من تنوع بكتيريا الأمعاء.
وفي دراسة واحدة استمرت 10 سنوات وتابعت أكثر من 1600 من البالغين الأصحاء من أستراليا، وقد أظهرت النتائج أن أولئك الذين تقدموا في السن بصحة جيدة بعد 10 سنوات أي أنهم كانوا خاليين من السرطان وأمراض القلب والسكري، وكان لديهم إدراك عام جيد، والوظيفة البدنية والقلب والأوعية الدموية جيدة، يستهلكون معظم الألياف في اليوم، أي حوالي 100٪ من الاستهلاك اليومي الموصى به، وقد فحص الباحثون جوانب متعددة من النظام.
الغذائي للفرد، بما في ذلك إجمالي تناول الكربوهيدرات، وإجمالي تناول الألياف، ومؤشر نسبة السكر في الدم، وحمل نسبة السكر في الدم وتناول السكر، وما زالت الألياف هي التي أحدثت أكبر فرق فيما أسماه الباحثون "الشيخوخة الناجحة" حتى أن الباحث الرئيسي قال إن "أولئك الذين تناولوا أعلى كمية من الألياف أو إجمالي الألياف، لديهم الفرصة الأكبر بنسبة 80 في المائة تقريبًا لعيش حياة طويلة وصحية " أي أنهم كانوا أقل عرضة للإصابة بارتفاع ضغط الدم والسكري والزهايمر والاكتئاب والعجز الوظيفي.
الجزء الأكثر روعة على الإطلاق هو أنه بمجرد تكسير الألياف بواسطة الميكروبات في الأمعاء تتشكل المستقلبات مثل الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة (SCFA) على سبيل المثال، تم العثور على أحد SCFA المسمى (Butyrate) ليس فقط لتقوية بطانة جدار الأمعاء وله خصائص مضادة للالتهابات، ولكنه أيضًا يتحدث إلى الدماغ من خلال الجهاز العصبي المعوي، عبورًا للحاجز الدموي الدماغي. تتم دراسة مادة الزبدات الآن فيما يتعلق بتحسين الصحة المعرفية عن طريق منع التنكس العصبي وتعزيز التجديد ومن هنا جاء مصطلح "محور الأمعاء - الدماغ".
أهمية تنوع الألياف النباتية:
كما هو الحال اليوم حوالي 90٪ من سكان العالم لا يتلقون الحد الأدنى اليومي الموصى به من الألياف وهو 38 غرام للرجال و25 جرام للنساء تحت ال 50 سنة، و30 جرام للرجال و21 جرام للنساء من سن 50 عام و أكبر، ناهيك عن الكمية المثلى للحفاظ على تنوع البكتيريا في الأمعاء وبالتالي الوصول الى شيخوخة صحية. لذلك، يجب علينا دمج الألياف المتنوعة مثل الألياف القابلة للذوبان، والألياف غير القابلة للذوبان، والبريبيوتك (prebiotics) في نظامنا الغذائي لضمان التنوع التصنيفي للميكروبيوم (Microbiome). فكر في الأمر وكأننا نستعين بمصادر خارجية لهضم الألياف للميكروبات لدينا والاستفادة من قدرة الميكروبات على التكيف، ببساطة تتطلب كل ألياف فريقًا فريدًا من الميكروبات لتحطيمها. مدخلات الألياف المتنوعة تجذب وتعزز الغابات المطيرة الميكروبية بداخلنا، و في نهاية المطاف تقليل الالتهاب وتحسين الوظيفة البيولوجية والمساهمة في جميع الفوائد المعجزة لميكروبيوم (Microbiome) الأمعاء الصحي.
تكمن أهمية استهلاك مجموعة متنوعة من الألياف لصالح الشيخوخة الصحية في أن يستفيد الشخص من مزيج من الألياف النباتية بما في ذلك ألياف الفركتان (Fructan) وهو عديد السكريد الطبيعي، والتي تتخذ خطوة إضافية لتعزيز امتصاص الكالسيوم في الجسم.
تلعب صحة الأمعاء دورًا مهمًا في طول عمرنا ولا ينبغي الاستهانة بذلك الأمر، حيث يؤثر وجود نباتات الأمعاء الصحية الميكروبيوم على العديد من عناصر حياتك اليومية، وإذا كان هناك شيء واحد يمكنك القيام به اليوم لتحسين النتائج الصحية مع تقدمك في العمر، وهو ببساطة زيادة أنواع الألياف في نظامك الغذائي اليومي، لقد وصل علم الغذاء حتى الآن من ما نفهمه عن الغذاء على المستوى الجزيئي، وحتى الخيارات المتاحة لنا، أنه يمكن للأطعمة الغنية بالألياف والتي مذاقها يكون لذيذ للغاية أن تساهم فى إطالة العمر و التمتع بشيخوخة صحية.
الشيخوخة الصحية ممكنة والاعتناء بميكروبات الأمعاء هو أمر مهم جدا، والحديث عن ميكروبيوم الأمعاء كعامل يؤثر على الصحة وطول العمر ليس بأي حال من الأحوال فكرة جديدة، وإنما اقترح إيليا ميتشنيكوف عالم الأحياء الروسي، منذ أكثر من قرن أن استهداف الأمعاء عن طريق استهلاك بكتيريا حمض اللاكتيك مثل تلك الموجودة في الزبادي، يمكن أن يؤخر ظهور التدهور المعرفي المرتبط بالشيخوخة الخاص بمشكلات في الذاكرة واللغة والتفكير والحكم على الأشياء.
أظهرت دراسة جديدة من اليابان أن الأشخاص الذين يعيشون حتى سن 100 وما فوق قد يكون لديهم بكتيريا أمعاء خاصة تساعد في منع العدوى، وتشير النتائج إلى أن هذه البكتيريا والمركبات المحددة التي تنتجها والمعروفة باسم "الأحماض الصفراوية الثانوية" يمكن أن تساهم في أمعاء صحية وبالتالي شيخوخة صحية، والنتائج التي نُشرت في مجلة "Nature" تظهر ارتباطًا بين بكتيريا الأمعاء وتجاوز المائة عام.
ميكروب الأمعاء وعلاقته بالمعمرين:
من المعروف أن مجتمع البكتيريا والكائنات الحية الدقيقة الأخرى التي تعيش في الأمعاء، والمعروفة باسم ميكروبيوم الأمعاء، تلعب دورًا في صحتنا وتتغير مع تقدمنا في العمر. على سبيل المثال، تم ربط وجود تنوع أقل في أنواع بكتيريا الأمعاء بالضعف لدى كبار السن، لكن الباحثين اشتبهوا في أن الأشخاص الذين يبلغون سن 100 قد يكون لديهم بكتيريا أمعاء خاصة تساهم في التمتع بصحة جيدة، وفي دراسة جديدة فحص الباحثون ميكروبيوم (Microbiome) الأمعاء لـ 160 من المعمرين، والذين بلغ متوسط أعمارهم 107 سنوات، وقارنوا الكائنات الحية الدقيقة في أمعاء المعمرين بمثيلاتها من 112 شخصًا تتراوح أعمارهم بين 85 و 89 عامًا، و 47 شخصًا تتراوح أعمارهم بين 21 و 55 عامًا، ووجدوا أن المعمرين لديهم "بصمة" مميزة لميكروبات الأمعاء لم تظهر في الفئتين العمريتين.
الأخريين. على سبيل المثال تم إثراء أنواع معينة من البكتيريا أو استنفاذها عند المعمرين مقارنة بالمجموعتين الأخريين، ثم قام الباحثون بتحليل مستقبلات الأمعاء (نواتج التمثيل الغذائي) في المجموعات الثلاث، ووجدوا أن المعمرين لديهم مستويات أعلى بكثير مما يسمى بالأحماض الصفراوية الثانوية مقارنة بالمجموعتين الأخريين.
الصفراء هي السائل الأصفر والأخضر الذي ينتجه الكبد ويخزن في المرارة، ووفقًا للمعاهد الوطنية للصحة، الأحماض الصفراوية هي مركبات في الصفراء تساعد في الهضم، وخاصة الدهون، بعد أن ينتج الكبد الأحماض الصفراوية، يتم إطلاقها في الأمعاء، حيث تقوم البكتيريا بتعديلها كيميائيًا إلى أحماض صفراوية ثانوية، وفقًا لورقة بحثية نُشرت عام 2009 في مجلة "Diabetes Care" وجد الباحثون مستويات عالية بشكل خاص من حمض الصفراء الثانوي المسمى حمض (isoball lithocholic) (isoalloLCA) في المعمرين، لم يعرف المؤلفون ما هي بكتيريا عملية التمثيل الغذائي المستخدمة لإنتاج isoalloCA ، لذلك شرعوا في تحديد المسار. قاموا بفحص سلالات بكتيرية في الأمعاء من شخص يبلغ من العمر 110 عامًا كان لديه مستويات عالية بشكل خاص من الأحماض الصفراوية الثانوية ووجدوا أن البكتيريا التي تنتمي إلى عائلة تسمى Odoribacterace تنتج isoalloLCA.
علاوة على ذلك، وجد أن isoalloLCA له خصائص قوية مضادة للميكروبات، مما يعني أنه يمكن أن يمنع نمو البكتيريا "السيئة" في الأمعاء، وفي التجارب التي أجريت في أطباق المختبر وعلى الفئران، وجد الباحثون أن isoalloLCA أبطأ نمو المطثية العسيرة، وهي بكتيريا تسبب الإسهال الشديد والتهاب القولون، ومنع أيضًا نمو المكورات المعوية المقاومة للفانكومايسين، وهي نوع من البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية المعروفة بأنها تسبب العدوى في المستشفيات، وتشير النتائج إلى أن isoalloLCA قد يساهم في أمعاء صحية عن طريق منع نمو البكتيريا السيئة، فإذا كانت هذه البكتيريا المنتجة للحمض الصفراوي تساهم في صحة الأمعاء، فقد يتم استخدامها يومًا ما كعامل بروبيوتيك لتحسين صحة الإنسان، وهذه البكتيريا تبدو آمنة لأنها لا تنتج سمومًا ولا تحتوي على جينات مقاومة للمضادات الحيوية، وأكد الباحثون على أن المعمرون قد يكونوا اكتسبوا هذه البكتيريا المفيدة من الجينات والنظام الغذائي، حيث يمكن للعاملين أن يلعبوا دورًا هاما في تشكيل تكوين ميكروبيوم (Microbiome) الأمعاء لدى الناس.