أهمية تقليل الملح لمَرْضَى الضغط حتى مع تناول الأدوية

- Comments (0)

توصلت أبحاث حديثة إلى نتيجة هامة: تقليل كمية الملح المتناولة يوميًا يمكن أن يساهم بشكل فعال في خفض ضغط الدم المرتفع، حتى لدى الأشخاص الذين يتناولون بالفعل أدوية لعلاج هذه الحالة. وقد أظهرت الدراسة أن خفض استهلاك الملح بمقدار ملعقة صغيرة فقط يوميًا يمكن أن يحدث انخفاضًا ملحوظًا في قراءات ضغط الدم.

المثير للاهتمام أن هذا الانخفاض الذي تم رصده كان مماثلاً للتأثير الناتج عن تناول دواء شائع الاستخدام لعلاج ضغط الدم. تؤكد هذه النتائج على الأهمية الكبيرة لتقليل مدخول الصوديوم كجزء أساسي في إدارة ضغط الدم، بغض النظر عن الحاجة إلى الأدوية المصاحبة.

إن الحفاظ على ضغط دم صحي أمر بالغ الأهمية لتجنب المضاعفات الخطيرة المرتبطة بارتفاعه المزمن. فارتفاع ضغط الدم لفترات طويلة يزيد بشكل كبير من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وأمراض الكلى، وفقدان البصر، والخلل الجنسي.

عادةً ما تتضمن النصائح الطبية للأفراد الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم إجراء تغييرات في نمط الحياة، يأتي في مقدمتها الحد من تناول ملح الطعام (كلوريد الصوديوم). ولكن، إذا كنت بالفعل ملتزمًا بتناول أدوية خفض ضغط الدم، فقد تتساءل عن مدى الفائدة الإضافية لتقليل الملح. هل يستحق الأمر بذل جهد إضافي لخفض الصوديوم في نظامك الغذائي بجانب تناول العلاج؟

الإجابة، وفقًا لهذه الدراسة الجديدة، هي "نعم" بكل تأكيد. يؤكد الباحثون القائمون على الدراسة أن تقليل استهلاك الملح بمقدار ملعقة صغيرة يوميًا يمكن أن يؤدي إلى خفض إضافي وملموس في مستويات ضغط الدم. والأكثر من ذلك، فإن هذا الإجراء البسيط قد يحقق تأثيرًا مشابهًا لتأثير دواء هيدروكلوروثيازيد، وهو أحد الأدوية الشائعة المستخدمة في علاج ارتفاع ضغط الدم.

كيف يؤدي تقليل الملح إلى خفض ضغط الدم؟

للوصول إلى هذه النتائج، قام الباحثون بتوزيع مجموعة من البالغين في منتصف العمر وكبار السن من مناطق مختلفة بشكل عشوائي إلى مجموعتين: مجموعة اتبعت نظامًا غذائيًا عالي الصوديوم ومجموعة أخرى اتبعت نظامًا غذائيًا منخفض الصوديوم.

تم توجيه المشاركين في المجموعة ذات النظام الغذائي عالي الصوديوم بإضافة 2200 ملليجرام من الصوديوم يوميًا إلى نظامهم الغذائي المعتاد. في المقابل، تناول المشاركون في المجموعة ذات النظام الغذائي منخفض الصوديوم 500 ملليجرام فقط من الصوديوم يوميًا.

استمرت كل مرحلة من النظام الغذائي لمدة أسبوع واحد، ثم تبادلت المجموعتان الأدوار لأسبوع إضافي. وقبل يوم واحد من كل زيارة للدراسة، تم تزويد المشاركين بأجهزة لمراقبة ضغط الدم على مدار 24 ساعة لتسجيل قراءاتهم. كما قاموا بجمع عينات من البول على مدار 24 ساعة لتقييم كمية الصوديوم التي تم تناولها.

أظهرت النتائج أن ضغط الدم الانقباضي (الرقم العلوي في قراءة ضغط الدم) انخفض بمقدار 7 إلى 8 ملم زئبقي لدى المجموعة التي اتبعت نظامًا غذائيًا منخفض الصوديوم مقارنة بالمجموعة التي اتبعت نظامًا غذائيًا عالي الصوديوم.

بالإضافة إلى ذلك، كان ضغط الدم لدى المشاركين في المجموعة منخفضة الصوديوم أقل بمقدار 6 ملم زئبقي مما كان عليه عندما كانوا يتبعون نظامهم الغذائي المعتاد. وأكد الباحثون أن تأثير خفض ضغط الدم كان ثابتًا بشكل ملحوظ، حيث شهد 72% من المشاركين في الدراسة انخفاضًا في ضغط الدم عند تقليل تناولهم للملح.

الأكثر إثارة للإعجاب هو أن هذا التأثير الإيجابي ظهر بسرعة خلال أسبوع واحد فقط من بدء التدخل الغذائي.

الكمية الصحية الموصى بها من الملح يوميًا

بالنسبة لعامة السكان، يوصى بتناول أقل من 2300 ملليجرام من الصوديوم يوميًا، أما بالنسبة للأفراد الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم أو أمراض القلب، فنحن نوصي بكمية أقل من 1500 ملليجرام يوميًا.

 اتباع نظام غذائي منخفض الصوديوم يمثل دائمًا الخطوة الأولى في إدارة ارتفاع ضغط الدم.  إذا لم يتمكن الشخص من تحقيق ضغط دم طبيعي من خلال النظام الغذائي وحده، نبدأ حينها في وصف الأدوية.

ملعقة صغيرة من ملح الطعام تحتوي على حوالي 2300 ملليجرام من الصوديوم. هذا يعادل الحد الأعلى الموصى به للاستهلاك اليومي، وهو ما يزيد عن 50% من الكمية المثالية التي يجب تناولها يوميًا.

تقليل تناول الصوديوم بمقدار 2300 ملليجرام يوميًا، أي ما يعادل ملعقة صغيرة من الملح، يمكن أن يساعد في خفض الاستهلاك اليومي إلى المستويات الموصى بها التي تتراوح بين 1200 و 1500 ملليجرام.

بعض الصوديوم ضروري لوظائف الجسم، لذلك لا يجب أن نهدف إلى التخلص منه تمامًا. قد تختلف احتياجات الصوديوم بين الأفراد بناءً على عوامل مثل مستوى النشاط البدني."

نصائح عملية لخفض تناول الملح وخفض ضغط الدم

  • قراءة الملصقات الغذائية: يتفق الخبراء على أن هذه هي الخطوة الأولى الحاسمة. يحذر الدكتور سيروير من أن الخضروات المعلبة غالبًا ما تكون غنية بالصوديوم لاستخدام الملح كمادة حافظة. وتنصح زينكر بمراقبة الأطعمة التي قد لا تتوقع أنها تحتوي على نسبة عالية من الصوديوم، مثل الحلويات، والمشروبات، والوجبات الخفيفة، والخبز، والتوابل. ستندهش من كمية الصوديوم المخفية في العديد من المنتجات.
  • البحث عن بدائل قليلة الصوديوم: تنصح زينكر باختيار الإصدارات منخفضة الصوديوم من الأطعمة والمكونات المختلفة مثل صلصة الصويا، والحساء، وصلصة المعكرونة، وغيرها.
  • استخدام التوابل والأعشاب بحرية: تشير زينكر إلى أن الأعشاب والتوابل غنية بالنكهة وتحتوي على مغذيات نباتية مفيدة مثل مضادات الأكسدة. يمكن استخدامها لإضافة مذاق مميز للوجبات كبديل للملح أو لتقليل الحاجة إليه.
  • إضافة الخل: تقول زينكر: "الخل مكون لذيذ يضيف حموضة مميزة للوجبات." يمكن أن يكون طعمه المنعش بديلاً جيدًا للملح.
  • التركيز على الأطعمة الكاملة: توضح زينكر أن معظم الصوديوم في نظامنا الغذائي يأتي من الأطعمة المصنعة والمعلبة والمعالجة للغاية. اختيار الأطعمة الكاملة والطازجة سيساعد بشكل طبيعي في الحد من تناول الصوديوم.
  • طهي الطعام في المنزل غالبًا: يوضح الدكتور سيروير أن الوجبات الجاهزة، والأطعمة المصنعة للغاية، والوجبات السريعة، وحتى وجبات المطاعم الفاخرة غالبًا ما تكون مرتفعة جدًا في نسبة الصوديوم. يوصي بتناول الطعام المحضر منزليًا لمنحك القدرة على التحكم في المكونات المستخدمة.
  • التحقق من المعلومات الغذائية عند تناول الطعام خارج المنزل: تحذر زينكر من أن بعض الوجبات في المطاعم يمكن أن تحتوي على أكثر من 2300 ملليجرام من الصوديوم، وهو الحد الأقصى الموصى به للاستهلاك اليومي.
  • البدء بخطوة واحدة في كل مرة: إذا كان تقليل كمية كبيرة من الصوديوم يبدو أمرًا صعبًا، تقترح زينكر البدء بتغييرات صغيرة والتركيز على أكبر مصادر الصوديوم في نظامك الغذائي. قد يعني ذلك تقليل تناول المعكرونة سريعة التحضير، على سبيل المثال.
  • التركيز على الإضافة بدلاً من الحذف: تقترح زينكر التركيز على إضافة المزيد من الأطعمة منخفضة الصوديوم إلى نظامك الغذائي بدلاً من التركيز فقط على استبعاد الأطعمة عالية الصوديوم. مع زيادة استهلاكك للأطعمة الصحية قليلة الصوديوم، ستحل تدريجيًا محل الأطعمة الغنية بالملح.

الخلاصة: تقليل الملح خطوة فعالة نحو صحة أفضل

تؤكد الدراسة الجديدة أن تقليل تناول الملح بمقدار ملعقة صغيرة يوميًا يمكن أن يحدث فرقًا حقيقيًا في مستويات ضغط الدم. وقد تبين أن هذا التغيير البسيط في النظام الغذائي يحقق انخفاضًا في ضغط الدم يعادل تأثير بعض الأدوية الشائعة.

نظرًا لأن معظم الأفراد يستهلكون كميات من الصوديوم تتجاوز التوصيات الصحية، فإن التخلص من ملعقة صغيرة من الملح يوميًا يمكن أن يعيدهم إلى النطاق الموصى به. من خلال تبني خطوات بسيطة مثل قراءة الملصقات الغذائية، وزيادة الطهي في المنزل، والتركيز على تناول الأطعمة الكاملة، يمكنك البدء في تقليل كمية الملح في نظامك الغذائي والمساهمة بشكل فعال في الحفاظ على صحة قلبك وخفض ضغط الدم.

Comments (0)
*
Only registered users can leave comments.